السعودية تطور تقنية جديدة بأيادي سعودية خالصة تغير شكل إضاءة شوارع ومدن المملكة وهذا هو اللون الجديد

السعودية تطور تقنية جديدة بأيادي سعودية خالصة تغير شكل إضاءة شوارع ومدن المملكة
  • آخر تحديث

تشهد التكنولوجيا تطور مستمر في مختلف المجالات، ومن بين أهم هذه التطورات ما يتعلق بالإضاءة، حيث تعد مصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) خيار مثالي مقارنة بمصادر الإضاءة التقليدية نظرًا لكفاءتها العالية وعمرها الافتراضي الطويل، ومع ذلك، ورغم مزاياها العديدة، تعاني هذه المصابيح من مشكلة فقدان جزء كبير من طاقتها على هيئة حرارة، مما يؤثر سلبا على أدائها وكفاءتها.

السعودية تطور تقنية جديدة بأيادي سعودية خالصة تغير شكل إضاءة شوارع ومدن المملكة

في هذا السياق، كشفت دراسة علمية حديثة بين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) عن إمكانية استخدام المواد النانوية، وتحديدا "النانو بولي إيثيلين" (nanoPE)، للحد من هذه المشكلة وتحسين أداء المصابيح، وهو ما قد يساهم في تقليل انبعاثات الكربون عالميًا.

تأثير مصابيح LED على استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية

تعتبر مصابيح LED من أكثر وسائل الإضاءة كفاءةً في استهلاك الطاقة، إلا أن جزء كبير من الطاقة الكهربائية التي تستهلكها يتحول إلى حرارة، مما يؤدي إلى تقليل عمر المصباح بمرور الوقت.

ووفقا للدراسة الحديثة، فإن حوالي 75% من الطاقة المدخلة في هذه المصابيح يتم فقدانها على شكل حرارة، مما يقلل من كفاءتها التشغيلية.

هذا الهدر في الطاقة يعني أنه لا يزال هناك مجال كبير لتحسين أداء مصابيح LED، مما قد يساهم في تحقيق استدامة أكبر في استهلاك الكهرباء، خصوصا في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الإنارة العامة في شوارعها ومدنها الكبرى.

كيف يمكن للمواد النانوية تحسين كفاءة الإضاءة؟

تمثل تقنية "النانو بولي إيثيلين" (nanoPE) تطور مهم في تحسين أداء مصابيح LED من خلال قدرتها على تعزيز انبعاث الإشعاع الحراري من سطح المصابيح، مما يساعد على تقليل درجة حرارتها بشكل ملحوظ.

وتتميز هذه المادة بقدرتها الفائقة على تمرير الأشعة تحت الحمراء، وهي المكون الأساسي للإشعاع الحراري، بينما تعكس الضوء المرئي، ما يجعلها فعالة في تحسين التبريد الذاتي للمصابيح دون التأثير على شدة الإضاءة.

الفوائد البيئية والاقتصادية لاعتماد تقنية النانو بولي إيثيلين

تشير تقديرات الفريق البحثي إلى أن تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع يمكن أن يحدث تأثيرًا كبيرًا في تقليل الانبعاثات الكربونية.

فعلى سبيل المثال، إذا تم تبني هذه التقنية في الولايات المتحدة فقط، فقد يؤدي ذلك إلى خفض أكثر من مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إزالة مئات الآلاف من السيارات من الطرق سنويا.

هذا التأثير البيئي الإيجابي لا يقتصر فقط على خفض الانبعاثات، بل يمتد أيضًا إلى توفير الطاقة، وبالتالي تقليل التكلفة المالية على الحكومات والشركات المسؤولة عن تشغيل وصيانة أنظمة الإضاءة العامة.

تصميم جديد لمصابيح LED لتعزيز كفاءة التبريد والإضاءة

أحد الجوانب المبتكرة في هذه الدراسة هو إعادة تصميم مصابيح LED بفضل تطبيق تقنية النانو بولي إيثيلين.

حيث أوضح الباحثون أن المصابيح التقليدية تصمم بحيث يكون الإشعاع الحراري محصور داخل المصباح نفسه، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته.

أما عند استخدام طبقة النانو بولي إيثيلين، فإن المصباح يصبح موجه بطريقة مختلفة، بحيث يسمح للإشعاع الحراري بالانتقال نحو السماء، في حين يعكس أكثر من 95% من الضوء المرئي نحو الأرض، مما يزيد من كفاءة الإضاءة دون فقدان جزء منها بسبب الحرارة الزائدة.

تطوير المادة النانوية وآلية عملها

تعتمد تقنية النانو بولي إيثيلين على استخدام البولي إيثيلين، وهو البلاستيك الأكثر انتشار عالميا، ولكن بعد معالجته بطرق متطورة تجعله قادر على التفاعل مع الأشعة الضوئية بطريقة محددة.

حيث قام العلماء بتطوير هذه المادة عبر إنشاء مسام نانوية لا يتجاوز حجمها 30 نانومتر، أي أصغر بألف مرة من سمك شعرة الإنسان، مما يسمح بمرور الأشعة تحت الحمراء عبر المادة بينما يعكس الضوء المرئي.

هذه الخاصية تجعل المادة فعالة في تحسين التبريد الطبيعي للمصابيح دون الحاجة إلى أنظمة تبريد إضافية، وهو ما يعزز من كفاءتها واستدامتها.

مستقبل تقنيات الإضاءة المستدامة

مع تزايد الحاجة إلى تقليل استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات الضارة، تعد هذه الدراسة خطوة مهمة نحو تطوير تقنيات إضاءة أكثر كفاءة واستدامة.

وقد أشار الباحثون إلى أن تطبيق هذه التقنية في المملكة العربية السعودية يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف الاستدامة وتقليل استهلاك الكهرباء في الإضاءة العامة.

كما أن هذا الابتكار يمكن أن يكون له تأثير عالمي، حيث يمكن أن تستفيد العديد من الدول من هذا التطور في تحسين أنظمة الإضاءة لديها، سواء في الشوارع أو في المباني العامة والخاصة.

وقد تم نشر هذه الدراسة في المجلة العلمية Light: Science & Applications، وشارك فيها نخبة من الباحثين، من بينهم البروفيسور تشياو تشيانغ غان من جامعة كاوست، بالإضافة إلى الدكتور حسام قاسم من معهد تقنيات الطاقة المستقبلية في كاكست، إلى جانب أساتذة وباحثين آخرين ساهموا في تطوير هذا الابتكار الواعد.

تعكس هذه الدراسة الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه المواد النانوية في تحسين تقنيات الإضاءة الحديثة، حيث تقدم تقنية النانو بولي إيثيلين حل مبتكر لمشكلة فقدان الطاقة في مصابيح LED، مما يساهم في زيادة كفاءتها، وتقليل استهلاك الكهرباء، والحد من الانبعاثات الكربونية.

ومع استمرار التطور في مجال المواد النانوية، قد نشهد مستقبل يعتمد بشكل أكبر على هذه التقنيات في مختلف المجالات، مما يعزز من الاستدامة البيئية ويقلل من التأثيرات السلبية على كوكبنا.